كلمات حب تتبعثر قبل نهاية العام



لملمت حروف الحزن والفرح وصنعت منها مراكب ورقية نبحر على متنها من عام إلى عام .. مراكب ملونة مزينة بنياشين النصر تصنعها آمالنا .. وأخرى سوداء مطرزة برايات الصمت تصنعها آلامنا.. فتنصهر نشوة الآمال مع غصة الآلام لتولد قوة سرمدية تدفع بهذا المركب ليسير هادئاً صاخباً في بحر العمر المتلاطم الأمواج عام لنا وعام علينا ..

نتساءل ؟؟
تركض بِنَا السنين أم نركض نحن بها ؟
نتوقف على شرفة عمرنا أم يتوقف عمرنا على شرفتنا ؟
نشعر بالتعب أم يشعر بِنَا التعب ؟
يجتاحنا الحنين أم نجتاح نحن الحنين ؟ يسمو بِنَا الأمل أم نسمو نحن بالأمل ؟ نقضي ساعاتنا أم تقضينا ساعاتنا ؟
نلتهم دقائقنا أم تلتهمنا هي ؟

أسئلة كثيرة بحاجة إلى وقفة تأمل ..
إلى محطة صيانة .. لأن استهلاك العمر دون محطات لصيانة النفس سوف يؤدي بِنَا إلى الهلاك سريعاً ..

نفوسنا متعبة مرهقة تنتعل الحزن خفاً لتمشي به على رصيف الأيام وتستحق منا عناية فائقة حتى لا نحتاج نحن منها يوماً إلى عنايةٍ فائقةٍ ..
تستحق منا أن نكَّرمها .. أن نهاديها .. أن نشجعها .. أن نصفق لها ..
أن ندعوها يوماً إلى عشاء ملكي .. أو نحجز لها إجازة في فندق ملائكي ..
أن نصف لها الأوركيد دواءً مهدئاً .. أو نمسح وجهها شفاءًً بماء الورد ..
أن نصفف شعرها صلاة بمشط عاجي .. أو نغطي أكتافها عطراً بشال كشميري .. نفوسنا تستحق منا عناية فائقة ..

هي نفوس متعبة مرهقة .. لكنها نفوس شامخة تعلن انتصاراتها كل يوم .. تُمارس البطولة طقساً وعرفاً ومذهباً .. وترتدي قطرات دموعها السخية كمعطف فرو سميك يقيها صقيع العالم ..

لقد بتنا في مرتبة الأبطال ..
من قال أن الأبطال حكراً على المعارك ؟
ومن قال أن المعارك حكرأً على ساحات
القتال ؟
نحن جيل الأبطال الصغار نخوض المعارك بلا معارك ..
جيل بات نومه بطولة وشبعه بطولة ودفئه بطولة وراحته بطولة واستمراره بطولة ..
نحن جيل أرهق البطولة وأفقدها فحواها ..
نحن أبطال بلا أوسمة .. وبلا كتب تاريخ..
كتب علينا الاستمرار بأحلام معطوبة وبوطن لا يدري إن كان قد أصبح حزباً للأيتام أو للأرامل أو للثكالى ..

نستيقظ كل صباح لنتوضأ بكل عذاباتنا ولنصلي ببقاياأحلامنا .. نقف على سجادة صلاة مثقلة بجراحاتنا .. منسوجة بابتهالاتنا .. ونشكر كل الآلام التي قربتنا إلى الله لأننا نعلم يقيناً أن البعد عن الله لهو أخطر الابتلاءات ..
نقف لنبحث عن مرفأ للسعادة .. لنحط فيه رحالنا ..
ذلك المرفأ البعيد القريب الذي لا يفصلنا عنه إلا باب واحد مفتوح وبلا أقفال لكننا ننسى دائماً أنه مفتوح ونصرُّ على البحث له عن مفتاح ..

السعادة هي الصلح بين الظاهر والباطن .. السعادة هي الصلح بين الإنسان ونفسه .. لن نحلق بأحلامنا إلا إذا حطمنا قواقعنا .. وعندما نحطم قواقعنا سنلمس ذاتنا ..
وسندرك حقيقتنا .. وعندها فقط سنتذوق طعم السعادة .. ونتصالح مع السماء .. ونرتقي إلى ذروة الحب ..

بالحب وحده نحيي أنفسنا .. بالحب وحده نداري عرينا .. بالحب وحده نوقف زلازلنا ونهدئ أعاصيرنا .. وبالحب وحده نحول كل القبور التي حفروها لنا إلى قلاع تناطح عنان السماء .. بالحب وحده نبقى .. وبالحب وحده نستمر .. وبالحب وحده نركب مراكبنا الورقية الأصيلة الحرة مسافرين بأجنحة بيضاء من عام إلى عام ..