Valia Abou AlFadel - فاليا أبو الفضل



فاليا أبو الفضل فنانة تقطف وجع الوجوه وتزرعه فرحا ملوّنا لتحصد في المحصلة إنجازا يضجّ بالشغف والحياة.
تراها جادة في مسعاها تنكبّ على العمل بكلّ حبّ وشوق، تترجم هدوءها أينما وجدت صخباً صارخاً على الورق أو الكانفاس أو حتى شاشة الحاسوب حيت استغّلت التكنولوجيا إلى صالحها وأنجزت أعمالا جميلة أيضا. إيمانا مني بضرورة تقديم ما هو جميل ومفيد على موقع "فكرتي"، ارتأيت أن أحاورها كي تطّلعوا على أعمال هذه الفنانة الرائعة.

لماذا ترسمين الوجوه بهذا الشغف؟
عندما أرسم وجوهاً أرسم حياة فبالملامح تسكن كل التفاصيل، تفاصيل روح وكيان وترين فيها من تحبيهم ومن تتعبين منهم وما تحملين من مشاعر لكل تفصيل..وأنا أرسم المرأة أكثر لأنني أفهمها أكثر وهي اختزال كل الحياة ، فمن بدء الخليقة كانت المرأة هي آلهة الجمال والخصب وهي من حملت رسالة حب الله على الأرض وعلى مرّ العصور كانت هي منبع الجمال والعطاء والوجد لكلّ المشاعر الحسّية التي تهلكها وتتعب روحها أحيانا،هنا ترى ولهها بأبنائها كأم، وهناك تراها عاشقة وزوجة وسرّ كلّ رجل...فكيف لي ألّا أرسم هذا، ومهما رسمت لن أنتهي من رسم حِمل تلك المرأة او شغفها.

لكل لوحة وجه ولكل وجه قصة , حدثينا أكثر عن هذه القصص .
كل القصص هي قصاصات من دفتري اليومي فأنا أضع أمامي اللوحة وأرى نفسي ومن هم حولي أيضا، ابنتي، أختي، أمي، صديقتي، جارتي، امرأة رأيتها في الشارع. بعض قصاصاتي وصفحات أخرى تحمل أغنية أو قصيدة أو كلمة مرت بي، فربما أرسم عشرات اللوحات وأنا اسمع أغنية واحدة، من أين تأتي ؟ حتماً من كياني الانساني بين كل هذه الكائنات من حولي.

ماذا كنت ستكونين لو لم يكن الفن التشكيلي قدرك؟
كنت سأجد نفسي أبحث عن الحب في كلّ زاوية وبالتأكيد كنت سأبحث عن الجمال في نفسي أوّلاً ثم بين أيامي وسنين عمري.

ماذا يعني أن يكون شريك حياتك فنانا أيضا؟
إنّه قدري الجميل، أن أكون محضونة بالجمال فما تبحثين عنه يبحث عنك. أحبّ الجمال وفي حضن الحبّ يزدهر ويصبح أجمل ونحن كزوجين نتشاركه، أضيف له ويضيف لي، ولقد انعكس هذا على بعض أولادي الّذين يتفوّقون عليّ من حيث القدرة الجمالية والاداء.

كيف ينعكس ما يحدث في العالم على لوحاتك؟
لوحاتي هي حكاياتي وقصاصات أجمعها من نفسي وأنا في هذا العالم وكلّ ما حولي يرسمني ويرسم ملامحي وأنا اقرأها على اللوحة وأجد نفسي فقط أسرد ما أقرأه على ألواني فترقص يدي أو تنوح ويصخب بي المكان وتعمّ الفوضي وربما يرتفع صوتي ردّاً او صدى، صراخاً أو ضحكاً او بكاء.

كيف تعاملت فاليا مع المصائب التي ألمّت ببلدها في السنوات الأخيرة؟
فاليا أحياناً لا أفهمها وأحياناً تقلقني بحساسيتها المفرطة فأوقفها عند حدّ الجمال والحب ، ولا شئ سواهما ،لا أسمح لها أو لأحد أن يغيّر ما فطر عليه قلبها من محبة خالصة وهو بيت الله فينا، فإما حفاظاً عليه أو هدماً للجدران بشكل جزئي أو كلّي لا سمح الله. أحبّ فاليا هذه المطيعة ورغم إنني أكسرها أحياناً أو أرضخها لرغبة الطّيبة والعفو والسماح ولكنها
في النهاية تعرف أن الحب هو الحلّ الأمثل لكل ما تمرّ به ... أحبّها أن تحبّ وكفى.

بكلمات قليلة سيدتي ماذا يقول لكِ
الحب: حياة
الحياة: حبّ مؤقت
الموت: درس من دروس الحياة وضرورة.
الموسيقى: لغة الروح.
الشعر: رقص الحروف والكلمات وملابس الروح.
الصداقة: أجمل وأصعب الإختيارات.
العائلة: استمرار وأول الحديقة ومدخلها.

ماذا يعني أن تكوني أم وفنانة؟
كل أم هي فنانة فيكفي أن ترسم ملامح أسرتها وشخصيات أولادها وتعرف كيف ترسم مستقبلهم وأوّل شئ وأهمّه هو رسم البسمات، وإن كانت تطوي في قلبها كل إجهاد الدنيا فهي تتفنن بإخفاء التّعب لإسعاد عائلتها.
وأن تكون فنانة فعلاً فهو حمل اضافي على كيانها لأن الفنان مرهف وذو حساسية عالية بما حوله أكثر ويتعمق في روحه كل تفصيل ويدخل جوارحه وهذا يثقل الروح ويملؤها فتفيض ربما أكثر ولكن عن ألم ربما أو أسى اكبر.

إلى أين ستأخذينا في مشاريعك القادمة؟
أتمنى أن أحمل كلّ روح تقف أمام ألواني الى عالم النقاء وجمال الحب الصرف ولمس قلوب البشرية وتحسّس مسحة الرضى والسّلام وأن يروا بين الألوان وردة.
أما الطموح فهو سلاح بمواجهة صعاب وعثرات الطريق إلى النهاية التي يجب أن تكون بداية.

كيف ترين التشكيل في الوطن العربي؟
أحمل ألواني وريشتي بخجل بين كبار فناني وطننا العربي وأقف أمام أعمال بعضهم بدهشة تملأ روحي وبكل فخر.
ولكن للأسف نلمس أحياناً تشوّها دخيلا يأتي من حيث لا ندري، يلوّث مفاصل حياتنا كما هو الحال في موسيقانا وفي أشعارنا وأغانينا وكما هي انسانيتنا تتلوّث، واجبنا هنا أن نحافظ على جمالنا من الداخل لنعرف كيف نغسل كل تشوّه ونسوّي كل ما يمرّ بنا بأنفسنا النظيفة فتبقى نظيفة بعيدة عن الكراهية.

أخيرا وليس آخرا الكلمة لكِ
رسالتي التي أحملها بين ألواني وروحي هي الحب.
نجد الجمال في كل مكان حولنا ولكنه موجود في داخلنا أولا، يبدأ من قلوبنا.
رؤية الأشياء التي ننظر إليها لا تتساوى بين شخص وآخر، فكلٌ يرى انعكاس ما في نفسه ...فلننظف قلوبنا فتبصر عيوننا الجمال وما خُلق لأجلنا.
ومن إمرأة ارسمها وتحمل رسالتي أحب إمرأة تمسح وجه الأرض بالجمال .
ولكن هناك جمال يكون شيئاً آخر غير الجمال وهذه حكاية أخرى ...
عندما يكون لهذه المرأة وجه آخر لا أحبه ..يمسح وجه الحياة بشئ آخر هدماً وليس بناءً ، إمرأة كما تبني يمكنها أن تهدم وهنا عمق الحياة وعمق انسان يبدأ أيضاً من إمرأة هي أم ...أم الدنيا.

الفنانة فاليا في سطور
فنانة تشكيلية سورية، خريجة معهد الرسم والفنون التطبيقية في السويداء عام 1993، عضو في نقابة الفنون الجميلة في سوريا، شاركت بالعديد من المعارض في سوريا والإمارات العربية المتحدة.
تعمل في تصميم وإخراج بعض المطبوعات في الدولة، كما تعمل في الرسم الديجيتال في مجلة زهرة الخليج الصادرة عن مؤسسة أبو ظبي للإعلام.

حوار و قلم الفنانة ماجدة نصر الدين
https://www.facebook.com/valia.aboualfadel